Monday, August 31, 2009
العرض الأول لأجرأ فيلم مصري
يقدّم فيلم "طول عمري" حكاية أناس لم نسمع عن حكايتهم من قبل. إنها حكاية الإختلاف عن الآخر، وقصة اولئك الذين أُجبروا على الصمت والعيش في الخفاء. يقول مخرج الفيلم، ماهر صبري: "الرقابة عبارة عن خنجر في قلب الحركة الإبداعية. الرقيب بيعاملني زي الطفل بيحدد لي كإنسان أقرا إيه، وأسمع إيه، وأشوف إيه. وبالتالي بيحدد لي أفكر إزاي وأعبّر إزاي. كل ده باسم "حماية الصالح العام" لكن بالفعل هو حماية السلطة والكرسي".
تمّ تصوير "طول عمري" في مدينتي القاهرة وسان فرانسيسكـو رغم كل الصعوبات، وإستغرق تصويره ثلاث سنوات. موسيقى الفيلم للملحن اللبناني الدكتور إلياس ايليا. أما الممثلون فتتطوعوا وتوافدوا من مصر، لبنان، العراق، السعودية، البحرين، ليبيا، المغرب، المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية لإنجاز هذا الفيلم الضخم.
القاهرة، في ٢٠ مايو (أيّار) ٢٠٠٨ -- يسرّ الجمعية المصرية للافلام المهمشة أن تعلن عن العرض العالمي الأول لإنتاجها الأول، فيلم "طول عمري"، ضمن مهرجان فرايم لاين 32 ، مهرجان سان فرانسيسكـو السينمائي الدولي للافلام المثلية من ١٩ حتى ٢٩ يناير (حزيران)، وهو المهرجان الأقدم والأضخم لأفلام أحرار الجنس في العالم! وفيلم "طول عمري" يندرج في خانة سينما أحرار الجنس الجديدة. يتناول الفيلم حياة بعض المثليين والمشاكل التي تواجههم في ظل التمييز الإجتماعي والإضطهاد نحوهم، خاصةً بعد الحملات التعسفية ضدهم التي إزدادت منذ سنة ٢٠٠١ وأشهر تلك الحملات قضية الـكوين بوت والتي قبض فيها علی ٥٢ رجلٍ بإدعاء أنهم مثليون جنسيًا وجرت محاكمتهم في محاكم أمن الدولة.
رغم ان السينما المصرية، منذ بداياتها، قد قدمت شخصيات مثلية جنسية عديدة، إلا إن معظمها كانت شخصيات كوميدية، كأداة رخيصة لإضحاك الجماهير. وقد قُـدمت المثلية الجنسية بشكل جاد من خلال شخصيات ثانوية صغيرة في بعض الافلام المصرية مثل "حمام الملاطيلي" (1973) لـصلاح ابو سيف، أو "الإسكندرية ليه؟" (1978) لــيوسف شاهين، أو "شحاذون ونُبلاء" (1991) لأسماء البكري، أو "مرسيدس" (1993) لـيسري نصرالله، او "عمارة يعقوبيان" (2007) لمروان حامد. إلا أنها قُـدّمت بشكل سطحي جدًا إلی حد التلميح فقط أحيانًا.
يقدّم فيلم "طول عمري" حكاية أناس لم نسمع عن حكايتهم من قبل. إنها حكاية الإختلاف عن الآخر، وقصة اولئك الذين أُجبروا على الصمت والعيش في الخفاء. يجسّد الفيلم مقولة شهيرة للحركة النسائية في السبعينات: "الأمور الشخصية هي سياسية حكماً". حتى في يومنا هذا، إنّ الناشطين في مجال حقوق الإنسان يتوقعون من المثليين والمثليات أن ينتظروا دورهم حتى بعد إيجاد حلول لأمور أخرى "أكثر أهمّية". ليست الحرّية المجتزءة حرّية على الإطلاق، وإن أهمّ خطوة نحو الحرّية تكمُن في ضمان وجود صوت للمقهورين.
عنوان الفيلم "طول عمري" مُستوحى من أغنية "طول عمري عايش لوحدي" من الثلاثينات للموسيقار المرحوم محمد عبد الوهاب. موضوع الأغنية هو العيش وحيداً بين "الأهل والخلّان"، والبحث عن رفيق الروح. هذه الأغنية التي عُزفت بشكل مُقتضب في الفيلم ليست فقط إستعارة أدبية رئيسية بل تعبّر عن زمن غير بعيد كان المجتمع فيه متحرراً أكثر ولم يكن إنتشار الأصولية السياسية قد إنتهك الحريات الشخصية بعد.
تمّ تصوير "طول عمري" في مدينتي القاهرة وسان فرانسيسكـو رغم كل الصعوبات، وهو فيلم بدون ميزانية إستغرق تصويره ثلاث سنوات، وإعتمد على عمل المتطوعين. تمّ التصوير في الشارع وفي بيوت المتطوعين. ساهم الممثلون والمساعدون في تشغيل آلة الصوت وحمل الميكروفون وبناء الديكور وتقديم المرطبات. هذا الفيلم هو مِثال لتعاون فريق العمل المتعاضد بكل ما في الكلمة من معنى.
رغم كل المخاطر، كون كل المَشاهد في مصر قد صُوّرت على طريقة "الغوريلا" (أي صَوّر وأهرب) بسبب القيود التي تفرضها الدولة على التصوير في الشارع، كان ضرورياً تصوير الفيلم في مصر وكاليفورنيا. ورغم أنّ الهجرة هي من مواضيع الفيلم، فإن الهروب ليس حلاً. لا يجوز التضييق على مَن هم مختلفين حتى يتخلوا عن موطنهم. إستعنّا في هذا الفيلم بالمواهب العربية في العالم العربي وبلاد المهجر آملين إرسال شرارة الحوار عبر القارات ونقل الحوار حول مسائل هامّة الى العلن.
ويقول مخرج الفيلم، ماهر صبري، وهو أيضًا كاتب السيناريو والحوار:
"كلنا بنبني اسوار حوالين نفسنا علشان نحميها من الوجع والالم. علشان كدة لما بنشوف الظلم بيحصل لغيرنا اسهل حاجة نعملها اننا نقنع نفسنا ان ده مش حيحصلنا، لأن أكيد ضحاية الظلم عملوا حاجة تستوجب عقابهم. ويمكن الضحاية دول بيؤمنوا بآفكار غير أفكارنا أو بيعيشوا بطريقة مش على مزاجنا فيبقى الموضوع اسهل بكتير. ولما العجلة تدور ونقع تحتيها حنلاقي غيرنا بيقولوا لنفسهم نفس الكلام لحد مايبقاش فيه حد ماداقش الظلم."
مع تزايد الموجة المتحفظة والمتشددة في مصر والعالم العربي في السنوات الأخيرة، أصبح الفنان العربي لا يستطيع أن يتناول الكثير من الموضوعات التي تناولتها السينما المصرية في الماضي. مثال علی ذلك، في العام الماضي عندما عُرض الفيلم المصري "عمارة يعقوبيان، " قام 112 عضو من اعضاء مجلس الشعب، ربع اعضاء المجلس، بالتوقيع على بيان يطالبون فيه بحذف مشاهد الشخصية المثلية. وبالمقارنة بين الطريقة التي قُدمت بها الشخصية المثلية في هذا الفيلم وبين الطريقة التي قدمت بها الشخصية المثلية مثلًا في فيلم "حمام الملاطيلي" (١٩٧٣) نجد ان مخرج "عمارة يعقوبيان" كان أكثر تحفظًا من نظيره في السبعينيات. فيلم "طول عمري"، واللذي صور بطريقة تعرف باسم سينما الغوريلا يقوم بكسر كل التابوهات والمحرمات التي تفرضها الرقابة المصرية، سواء كانت جنسية أو إجتماعية أو سياسية.
وعن ذلك يقول مخرج الفيلم:
"الرقابة عبارة عن خنجر في قلب الحركة الإبداعية. الرقيب بيعاملني زي الطفل بيحدد لي كإنسان أقرا إيه، وأسمع إيه، وأشوف إيه. وبالتالي بيحدد لي أفكر إزاي وأعبّر إزاي. كل ده باسم "حماية الصالح العام" لكن بالفعل هو "حماية السلطة والكرسي" الرقابة مش موجودة غير في البلاد اللي تحت حكومات فاسدة ومستبدة واللي بتخاف إن شعبها يكون عنده وعي وبكده تضمن ان الوضع يفضل على ماهو عليه. وزي ما ثورة الإنترنت فتحت الباب للتاس اتها تعبر عن نفسها بالكتابة من غير رقابة ، ثورة صناعة الافلام الديجيتال حققتلي نفس الفرصة. من البداية وانا عارف ان الفيلم بتاعي مش حايتسمح له يتعرض بشكل رسمي لكن متأكد إن الناس حاتشوفو لان تحت الفساد، قرصنة الڤيديو شغالة علی ودنه. يعني بعد المهرجانات حتلاقي الفيلم بيتباع عالرصيف مع كل الافلام الممنوعة. يمكن بالطريقة دي مش حاعوض تكاليف الفيلم، لكن حأحقق إشباع ذاتي."
Subscribe to:
Posts (Atom)